السبت، 17 يوليو 2021

الصديق والفاروق معًا علي الطريق جمع وإعداد سيد مبارك

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الصديق والفاروق معًا علي الطريق جمع وإعداد سيد مبارك

تنبيه هام

مادة هذه الرسالة وحقوق طبعها لكل مسلم سواء للتجارة أو كصدقة جارية شريطة عدم التعديل فيها وحقوق التأليف باسمي وينتبه لتصحيح ما يقع من أخطاء عند الكتابة والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

وللأخوة الأفاضل

لقد خرجت الاحاديث والآثار وكلها صحيحة أن شاء الله ولكن للأسف الشديد النسخة النهائية المحققه قد مسحت من جهازي وهذا نسخة أخري طبق الاصل ولكن فيها الكثير من الأحاديث والأثار التي لم تحقق ومن ثم من أراد نشرها أن يراعي هذا أو يراسلني وسوف أقوم بتحقيقها أن شاء الله وله جزيل الشكر

الموقع الشخصي

http://sayedmobark.yoo7.com

للمراسلة

http://sayedmobark1960@yahoo.com

 

إهداء
إلي أحباب رسول الله ( وأتباعه في مشارق الارض ومغاربها..
إلي من يبحث عن القدوة الحسنة والسمو الروحي..
إلي أحبتي في الله في كل مكان....
إلي روح أبي وأمي –رحمهما الله-

إلي زوجتي وابنائي الثلاثة سارة وأحمد وبلال

أهدي هذا الكتاب.
سيد مبارك 

مقدمة الكتاب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا

الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
( آل عمران : 102) .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } (النساء :

1 ) .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحلَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهْ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } ( الأحزاب : 70 , 71 ) .
أما بعد..
.نظر الله تعالى في قلوب العباد فوجد أنقاها وأصفاها قلب النبي صلى الله عليه وسلم فاختاره واصطفاه على سائر العباد ليكون للعالمين بشيراً ونذيراً وداعياً إلي الله وسراجاً منيراً .

قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }( الأحزاب : 45 ).
ثم نظر إلى قلوب العباد فوجد أنقاها وأصفاها بعد قلب النبي ( قلوب صحابته الكرام فاختارهم ليكونوا انصاره وحملة راّية التوحيد من بعده إلى مشارق الأرض ومغاربها . ولهذا حث النبي ( على الإقتداء بالصحابة- رضوان الله عليهم- وجعل عصرهم من خير عصور البشرية علي الأطلاق.
وفي الصحيح عن عمران بن حصي ( قال النبي (: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال: عمران لا أدري أذكر النبي ( بعد قرنين أو ثلاثة قال النبي -صلى الله عليه وسلم -إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن)

ومن ثم لا ينكر فضلهم إلا جاحد وحاقد, ولا يسبهم إلا فاسق و كافر...
ثم نظر الله تعالي إلي قلوب الصحابة فوجد أنقاها وأصفاها قلب الصديق والفاروق فكان لهما شرف مصحابة النبي ( في الدنيا وشرف الدفن بجواره بعد الممات في حجرة عائشة – رضي الله عنها - فضلا علي أنهما من زمرته في الأخرة وفي أعلي علييين.
أخي القارئ :
بين يديك صور ومناقب عظيمة من حياة الشيخين –الصديق والفاروق- رضي الله عنهما- وقصتهما من البداية حتي النهاية , وقد اجتهدت على قدر استطاعتي في جمعها وترتيبها وتخريج احاديثها من مصادرها الأصلية .
هذا وقد ابتعدت عن الأحاديث الضعيفة واقتصرت على الصحيح والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عودت القارئ الكريم دائماً في مؤلفاتي ولله الحمد والمنة .
وهناك الكثير من المناقب والقصص التي تركتها إما لضعف الدليل رغم اشتهارها من جهة, أو لعدم التطويل من جهة أخرىعلي الرغم من صحتها . .هذا فضلاً عن الاستشهاد بالمصادر التاريخية الموثوق بها لزيادة القاء الضوء علي حياة الشيخين وفضلهما .
وبعد فهذا العمل كغيره لا يخلو من العيوب والملاحظات ولكن عزائي انني اجتهدت على قدر استطاعتي والتزمت بالأمانة العلمية في النقل وذكرت المراجع والمصادر ليرجع إليها من يشاء واظهرت مواضع العظمة والعبقرية في حياتهما معًا لنصر الدين وأعلاء كلمة الله تعالي وحب رسوله.
واسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ولا يجعل للشيطان فيه حظاً ولا نصيباً إنه نعم المولى ونعم النصير والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

والحمد لله رب العالمين .
وكتبه /سيد مبارك- أبو بلال
الجمعة 18 ن شوال 1427 هـ
الموافق 10 نوفمبر 2006 م


 

فضائل الصحابة وعقوبة سبهم

أن فضائل الصحابة ستظل خالدة مابقيت السموات والارض وكفي بهم فخرًا وشرفًا ان الله تعالي خلد فضائلهم في القران الكريم وهو محفوظ بحفظ الله تعالي له , وهاهي بعضًا من ايات الله التي زكر الله فيها فضائلهم:
- وصفهم الله تعالي مع النبي ( بقوله:

" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) –الفتح
- ووصف رضاه عنهم بقوله" وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) "-التوبة
-ووصفهم بصدق الإيمان ووعدهم بمغفرته فقال جل شأنه:
" وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) "-الانفال
-وقال تعالي" الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) "-التوبة

والايات في ذلك كثيرة , وكذلك لا تخلو السنة الصحيحة من ذكر فضائلهم وأنهم أفضل الأمة بعد نبيهم ( سواء كانوا من المهاجرين أوالأنصار ,وكفي بهم شرفا مصاحبتهم للحبيب الصطفي ( وأذكر هنا حديثين علي سبيل المثال لا الحصر :
-عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم

فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم"- البخاري (3376 ) -وعن أبي بردة عن أبيه قال
صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء قال فجلسنا فخرج علينا فقال ما زلتم هاهنا قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء قال أحسنتم أو أصبتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون- مسلم (4596 )

وبعد كلام الله تعالي وكلام رسوله ( في فضل الصحابة الكرام يكون من قلة الذوق والمروءة سب الصحابة أو النيل من سيرتهم العطرة ولو بحجة بيان حقيقة الخلاف بينهم وهو عذر يدل علي حقد صاحبه وكيده للإسلام وأن قال غير ذلك .
والعجيب أن يأتي هذا الهجوم من مسلمين يعيشون بيننا ويتكلمون بألسنتنا وهم المنافقون الجدد أتباع عبد الله بن أبي بن سلول وأحفاد أبو جهل
والوليد بن المغيرة ومن هم علي شاكلتهم في القرن الواحد والعشرين .
لقد نشرت صحيفة معارضة وأنا أشرع بكتابة هذا الكتاب سب وقدح في أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق – رضي الله عنهما- وجعلتها وغيرها من الصحابة الكرام من أسوا عشر شخصيات في الإسلام!!
سبحان الله لهذه الدرجة وصل بنا الوهن والحقد فلم نجد ألا الصحابة الكرام أحب الخلق إلي الله ورسوله (..
نعم ..لقد أحسنت إدارة الجريدة في نشر اعتذارها وأن كان لا يعفيها من مسئولياتها عن ذلك قطعاً.

ثم ألا يكفي ما نعانيه في زماننا هذا من حقد وعداوة من الصليبيون الجدد الذين يطلقون حملة صليبية مسعورة تنال من كل ما هو إسلامي ولو كان مجرد نقاب وحجاب تغطي به المرأة وجهها وجسدها لحفظ نفسها من نظرات الذئاب من بني البشر الذين لا رادع لهم من دين ولا قانون!!
حتي طالت نبينا ( وما أذمة الرسومات الدنمركية وما بعدها من أزمات ببعيد .
- ولأننا نريد أن نقيم الحجة شرعاً علي فسق ونفاق من سب الصحابة أو قدح فيهم – من أحفاد أبو جهل-مهما كان المبرر الذي يستندون إليه..إليك أخي القاري هذه الأحاديث الصحيحة علي لسان نبيهم ( أن كانوا حقاً يؤمنون بنبوته ويصدقونه وهذا ما أتمناه .
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) - أنظر البخاري(3397 )
- وقال ( " من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"- أنظر صحيح الجامع 6285)
* واليك أيضا ما قاله علماء الأمة الثقات عن خطورة سب الصحابة والقدح فيهم-هذا لو كان لهؤلاء قلوباً يعقلون بها وحسبنا الله ونعم الوكيل:
- قال الذهبي في كتابه الكبائر"الكبيرة السبعون –سب أحد من الصحابة"
قال صلى الله عليه وسلم: " الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله أوشك أن يأخذه "- أخرجه الترمذي وأحمد وإسناده صحيح ففي هذا الحديث وأمثاله بيان حالة من جعلهم غرضاً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم وافترى عليهم وعابهم وكفرهم واجترأ عليهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم " الله الله " كلمة تحذير وإنذار كما يقول المحذر " النار النار " أي احذروا النار وقوله " لا تتخذوهم غرضاً بعدي " أي لا تتخذوهم غرضاً للسب والطعن كما يقال: اتخذ فلان غرضاً لسبه أي هدفاً للسب " وقوله " فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم " فهذا من أجل الفضائل والمناقب لأن محبة الصحابة لكونهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه وآمنوا به وعزروه وواسوه بالأنفس والأموال فمن أحبهم فإنما أحب النبي صلى الله عليه وسلم. فحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عنوان محبته وبغضهم عنوان بغضه كما جاء في الحديث الصحيح: " حب الأنصار من الإيمان وبغضهم من النفاق " .
وما ذاك إلا لسابقتهم ومجاهدتهم أعداء الله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك حب علي رضي الله عنه من الإيمان وبغضه من النفاق وإنما يعرف فضائل الصحابة رضي الله عنهم من تدبر أحوالهم وسيرهم وآثارهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد موته من المسابقة إلى الإيمان والمجاهدة للكفار ونشر الدين وإظهار شعائر الإسلام وإعلاء كلمة الله ورسوله وتعليم فرائضه وسننه ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع ولا علمنا من الفرائض والسنن سنة ولا فرضاً ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئاً.اهـ
-وقال الحافظ الكبير أبو بكر بن الخطيب البغدادي :
والأخبار في هذا المعنى تتسع، وكلها مطابقة لما في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة، والقطع على تعديلهم ونزاهتهم .
فلا يحتاج أحد منهم – مع تعديل الله تعالى لهم، المطلع على بواطنهم، إلى تعديل أحد من الخلق له –ثم قال:

على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها – من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين – القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين.اهـ (أنظرالعواصم من القواصم للقاضي أبو بكر بن العربي-ص 14)
- وقال الأمام أحمد: إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول الله ( بسوء فاتهمه علي الإسلام

- وقال الامام مالك-رحمه الله-: من شتم النبي ( قتل ومن سب أصحابه أدب.
- وقال أبو زرعة الرازي-رحمه الله- : إذا رايت الرجل ينقص احدا من اصحاب النبي ( فاعلم انه زنديق وذلك لان الرسول ( حق والقران الكريم حق وماجاء به الرسول حق وإنما ادي الينا ذلك كله الصحابة وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة فالجرح بهم أولي .اهـ
- وقال ابن العثيمين – رحمه الله- في شرح الواسطية (2/283) :
وفي الحقيقة إن سب الصحابة رضي الله عنهم ليس جرحاً في الصحابة رضي الله عنهم فقط بل هو قدح في الصحابة وفي النبي صلي الله عليه وسلم وفي شريعة الله وفي ذات الله عز وجل:
_ أما كونه قدحاً في الصحابة، فواضح.
- وأما كونه قدحاً في رسول الله صلي الله عليه وسلم، فحيث كان أصحابه وأمناؤه وخلفاؤه على أمته من شرار الخلق، وفيه قدح في رسول الله صلي الله عليه وسلم من وجه آخر، وهو تكذيبه فيما أخبر به من فضائلهم ومناقبهم.
- وأما كونه قدحاً في شريعة الله، فلأن الواسطة بيننا وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم في نقل الشريعة هم الصحابة، فإذا سقطت عدالتهم، لم يبق ثقة فيما نقلوه من الشريعة.

- وأما كونه قدحاً في الله سبحانه، فحيث بعث نبيه صلي الله عليه وسلم في شرار الخلق، واختارهم لصحبته وحمل شريعته ونقلها لأمته‍ه.
- فانظر ماذا يترتب من الطوام الكبري على سب الصحابة رضي الله عنهم.اهـ
والجدير بالذكر هنا أن نبين أن سب الصحابة قسمين :
القسم الأول: سب يقدح في عدالتهم بالكفر أو الردة أو غير ذلك فهذا كافر مرتد عن الإسلام قطعاً ..لماذا؟
لأنه كمن يقول أن القران والسنة نقلها لنا كفار – والعياذ بالله – وهذا يخالف القران والسنة في عدالتهم ورضا الله عنهم.

والقسم الثاني: سب لا يقدح في عدالتهم ولا دينهم كوصفهم بقلة العلم أو الجبن أو غير ذلك فهذا يؤدب ولا يكفر .
ونكتفي بما ذكرنا في بيان فضائل الصحابة وحرمة سبهم والقدح في عدالتهم , ولنشرع في بيان فضل الشيخين " الصديق والفاروق " رضي الله عنهما وعن الصحابة الكرام أجمعين.


 

الحالة الاجتماعية والصفات الخلقية
للصديق والفاروق- رضي الله عنهما
قبل الشروع في بيان حياة الشيخين الجليلين الصديق والفاروق في بداية الطريق ينبغي علينا أن نعرف الحالة الاجتماعية والصفات الخلقية لكل منهما ..

الصديق ( اسمه ونسبه في سجلات قريش عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤيد
واسم أمه : أم الخير سلمي بنت صخر بن عامر , ماتت مسلمة .
وكان قد تزوج في الجاهلية مرتين- قتلة بنت عبد العزي وأم رومان بنت عامر
وكذلك تزوج في الإسلام مرتين –أسماء بنت عميس وحبيبة بنت خارجة بن زيد.
وكان له من الولد: عبد الله , وأسماء (ذات النطاقين ), وأمهما قتلة, وعبد الرحمن وعائشة وأمهما ام رومان , ومحمد وأمه أسماء بنت عميس , وأم كلثوم وأمها حبيبة بنت خارجه ابن زيد

وأما صفاته الخلقية ( فقد جاء في "الرياض النضرة ص/ 34" ما نصه:
-عن عائشة رضي الله عنها وقد قيل لها صفي أبا بكر قالت كان أبيض نحيفاً خفيف العارضين أجنأ([1])
( لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه([2]) معروق الوجه ([3])غائر العينين ناتئ الجبهة
عاري الأشاجع([4]) خرجه أبو عمر. وعن قيس بن أبي حازم قال قدمت على أبي بكر مع أبي في مرضه الذي مات فيه فرأيته رجلاً أسمر خفيف اللحم. اهـ
أما الفاروق فهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح ولقب بالفاروق لأن بإسلامه أعز به الله تعالي الإسلام وفرق به بين الحق والباطل, وكنيته هى ( أبو حفص ) والحفص هو شبل الأسد , كناه به النبي ( يوم بدر .
زوجاته:
1 - زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
2 - أم كلثوم بنت جرول بن مالك بن المسيب بن ربيعة.
3 - جميلة بنت ثابت بن أبي الأفلح.
4 - لهية أم ولد [ امرأة من اليمن ]([5])
5 - أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
6 - فكهية - أم ولد.
7 - عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل
أولاده :
كان له من الولد عبد الله وعبد الرحمن وحفصة-أم المؤمنين- أمهم زينب بنت مظعون وزيد الأكبر ورقية أمهما أم كلثوم بنت علي وزيد الأصغر وعبيد الله
أمهما أم كلثوم بنت جرول وعاصم أمه جميلة وعبد الرحمن الأوسط أمه لهية أم ولد وعبد الرحمن الأصغر أمه أم ولد وفاطمة أمها أم حكيم بنت الحارث وعياض أمه عاتكة بنت زيد وزينب أمها فكيهة أم ولد.
وأما عن صفاته الخلقية فقد جاء في الرياض النضرة ص/ ما مختصره132:
قال ابن قتيبة: الكوفيون يروون أنه آدم ([6])شديد الأدمة، وأهل الحجاز يروون أنه أبيض أمهق([7]) وهو الذي يشبه لونه لون الجص لا يكون له دم ظاهر
وكان طوالاً أصلع([8]) أجلح([9]) شديد حمرة العينين خفيف العارضين، قاله صاحب الصفوة. وقال أبو عمر كان كث اللحية أعسر يسراً([10]) وذكر في لونه رواية الكوفيين قال: وهكذا وصفه ذر بن حبيش وغيره وعليه الأكثر قال: كان عمر طويلاً جسيماً أصلع شديد الصلع أبيض شديد حمرة العينين في عارضيه خفة: سبالته كثيرة الشعر أطرافها صهبة، قال والأول أصح وأشهر.
وعن سماك بن حرب قال: كان عمر بن الخطاب أروح كأنه راكب والناس يمشون كأنه من رجال سدوس خرجه الحافظ السلفي، قال والأروح هو الذي تداني قدماه إذا مشى، وقال الجوهري: هو الذي تتباعد صدور قدميه وتتدانى عقباه وكل نعامة روحاء، وكان رضي الله عنه يخضب بالحناء والكتم.
وخرج القاضي أبو بكر بن الضحاك عن ابن عمر أن عمر كان لا يغير شيبه فقيل له يا أمير المؤمنين ألا تغير؟ وقد كان أبو بكر يغير فقال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من شاب شيبة في الإسلام كانت نوراً يوم القيامة " وما أنا بمغير. وعنه وقد عرضت عليه مولدة له أن يصبغ لحيته فقال: ما أريد أن أطفئ نوري كما أطفأ فلان نوره. والأول هو الصحيح.اهـ
هذا والصديق والفاروق – رضي الله عنهما – فضلهما علي سائر الصحابة دلت عليه كثير من الأحاديث الصحيحة واتفق عليه الصحابة أنفسهم , وفي الصحيح عن أبن عمر رضي الله عنهما قال:
"كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم"- البخاري -3382
ولا عجب في قولهم هذا فالصديق والفاروق لهما مكانة مرموقة بينهم لما هما عليه من ورع وتقوي وقرب من الحبيب المصطفي ( وهو القائل :
-( أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ] - أنظر السلسلة الصحيحة-824

ولكن ..
كيف كانت بدايتهما وهدايتهما ؟وكيف تلقي كل منهما وتجاوب مع الدعوة الجديدة التي دعا اليها النبي ( وصدع بها بين قومه وعشيرته ؟
.. دعوته بترك عبادة أصنام وأحجار لا تنفع ولا تضر إلي عبادة الواحد القهار علي الرغم من اختلافهما في الطباع, فالصديق رقيق المشاعر يري علاج الأمور برفق ورحمة, بينما الفاروق علي النقيض من ذلك ينتهج القوة والشدة والحزم !! نجيب علي هذا السؤال في السطور التالية.



 

موقف الصديق والفاروق من الدعوة المحمدية
-كان الصديق يحفظ الكثير من أشعار العرب عليما بانسابهم لم يسجد لصنم قط ولا شرب الخمر لا في جاهليته ولا بعداسلامه, وكان ورعا يحزنه مايفعله قومه من عبادة احجار صنعوها بايديهم ويذبحون ويسجدون لها.
وكانت نفسه تهفو لرسول يهدي الناس الي الحق ويتمثل بقصيدة" أمية بن أبي الصلت :
ألا نبي لنا منا فيخبرنا ما غايتنا من رأس مجرانا
فقد علمنا لو أن العلم ينفعنا سوف يلق أخرانا بأولانا
وقد عجبت وما بالموت من عجب ما بال أحيائنا يبكون موتانا
وكان يجد راحته في مصاحبة رسول الله قبل بعثه ويري فيه نموذج للإنسان الكامل الفاضل الأمين فهو مثله لم يسجد لصنم قط ولم يذكرها بخير واعتزل قومه ليخلو بنفسه يتأمل في السماء وتهفو نفسه الي الحق في غار حراء.
فلم صدع النبي بالرسالة ودعا قومه الي التوحيد لم يتلعثم الصديق ولم يتردد وهو يعلم من صدق "محمد بن عبد المطلب "وامانته وورعه مالا يعلمه غيره فصدقه علي الفور وامن بدعوته وإنه النبي المنتظر .
وكان أول الرجال أسلامًا وأعظم الصحابة واقربهم وأحبهم إلي قلب النبي –صلي الله عليه وسلم-
- وعن أبي سعيد قال قال أبو بكر ألست أول من أسلم ألست صاحب كذا )
- جاء في( تحفة الأحوزي ) في معني قوله : ( ألست أول من أسلم ) أي من الرجال . قال الحافظ قد اتفق الجمهور على أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال , وذكر ابن إسحاق

أنه كان تحقق أنه سيبعث لما كان يسمعه ويرى من أدلة ذلك فلما دعاه بادر إلى تصديقه من أول وهلة .اهـ
هذا وقد قيل أن أول من أسلم ( علي ) وقيل (خديجة )- رضي الله تعالي عنهما!!
.وقد ذكر علمائنا لرفع هذا الاشكال بأن اول من اسلم من الرجال أبا بكر الصديق , و(علي ) أول من أسلم من الصبيان و( خديجة ) أول من أسلمت من النساء والله أعلم .
أما الفاروق عمر ( فلم يبادر علي الفور كما فعل الصديق بل كان شديد الأذي للمسلمين من اتباع الدين الجديد وفي سبب ‘سلامه عدة روايات أذكرهنا اشهرها مع التعليق عليها والله

المستعان.
- قيل كان سبب إسلامه أن أخته فاطمة بنت الخطاب كانت تحت سعيد بن يزيد بن عمرو العدوي ، وكانا مسلمين يخفيان إسلامهما من عمر..وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة يقرأها القرآن فخرج عمر يوما ومعه سيفه يريد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين وهم مجتمعون في دار الأرقم عند الصفا، وعنده من لم يهاجر من المسلمين في نحو أربعين رجلا، فلقيه نعيم بن عبد الله فقال: أين تريد يا عمر ؟ فقال: أريد محمدا الذي فرق أمر قريش، وعاب دينها فأقتله.
فقال نعيم: والله لقد غرتك نفسك، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي

على الارض، وقد قتلت محمدا ؟ ! أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم ؟ قال: وأي أهلي ؟ ! قال: ختنك، وابن عمك سعيد بن زيد، وأختك فاطمة، فقد أسلما.
فرجع عمر إليهما وعندهما خباب بن الأرت يقرئهما القرآن.
فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب، وأخذت فاطمة الصحيفة، وألقتها تحت فخذيها،
وقد سمع عمر قراءة خباب.
فلما دخل قال: ما هذه الهينمة ؟ ! قالا: ماسمعت شيئا ؟ قال: بلى.
قد أخبرت أنكما تابعتما محمدا، وبطش بختنه سعيد بن زيد، فقامت إليه أخته لتكفه، فضربها فشجها، فلما فعل ذلك قالت له أخته: قد أسلمنا، وآمنا بالله، ورسوله،

فاصنع ما شئت.
ولما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم وقال لها: أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون فيها الآن حتى أنظر إلى ما جاء به محمد.
قالت: إنا نخشاك عليها، فحلف أنه يعيدها.
قالت له: وقد طمعت في إسلامه.
إنك نجس على شركك، ولا يمسها إلا المطهرون.
فقام، واغتسل.
فأعطته الصحيفة وقرأ فيها: طه، وكان كاتبا فلما قرأ بعضها قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! ! فلما سمع خباب خرج إليه وقال يا عمر:..فقال عمر عند ذلك: فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم.
فدله خباب فأخذ سيفه، وجاء إلى النبي صلى الله عليه

وسلم، وأصحابه فضرب عليهم الباب فقام رجل منهم فنظر من [ خلل ] الباب فرآه متوشحا سيفه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
فقال حمزة: إئذن له فإن كان يريد خيرا بذلناه له، وإن أراد شرأ قتلناه بسيفه.
فأذن له فنهض إليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى لقيه فأخذ بمجامع ردائه ثم جذبه جذبة شديدة وقال: ما جاء بك ؟ ما أراك تنتهي حتى ينزل الله عليك قارعة.
...فقال عمر: يا رسول الله جئت لأومن بالله وبرسوله. فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف من في البيت أن عمرا أسلم.

قلت : وهذا الحديث ضعيف وعلته "القاسم بن عثمان البصر " – قال عنه الحافظ بن حجر في اللسان :
قال البخاري له أحاديث لا يتابع عليها وقال الحافظ: حدث عنه اسحاق الازرق بمتن محفوظ وتعقبه اسلام وهي منكرة جدا .اهـ
وهناك روايات أخري كما ذكرت وأكثرها ضعيف ولكن أصح الروايات والتي نسجلها هنا ما أخرجه الترمذي واحمد عن ابن عمر ( قال :
أن رسول الله ( قال " اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب " قال : وكان أحبهما إليه عمر
- أخرجه الترمذي في المناقب (3682) وصححه الألأباني في صحيح الترمذي (2907)


 

الصديق والفاروق معاً
في نصر الدين وأعلاء كلمة الله تعالي

يعد إسلام الشيخين نصرا للإسلام وليس ادل علي ذلك مما صح من سيرتهما العطرة.
فالصديق ما أن أسلم حتي جعل كل ماله في سبيل الله تعالي وبادر من لحظة إسلامه إلي الدعوة إلي الدين الجديد الذي يحرر العباد من ضيق الدنيا الي سعة الاخرة ومن عبادة الاصنام الي عبادة الواحد القهار دون كلل او ملل.
و هاهو يأتي بثمرة دعوته للنبي (..جاء في الرياض النضرة -ص/38:

-قال ابن إسحاق ولما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه ودعا إلى الله ورسوله وكان رجلاً مألفاً لقومه محبباً سهلاً وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلاً تاجراً ذا خلق ومعروف وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه فأسلم بدعائه فيمن بلغني عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا قال فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا بالإسلام الناس وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني علياً وزيداً وأبا بكر ومن أسلم على يديه. اهـ
وسبحان الله جاء الصديق بخمسة من المبشرين بالجنة مرة واحدة وممن لهم ثقل في قريش وعزة.
إنه أمر يثير العجب وأعجب منه إنه جعل ماله لعتق رقاب المستضعفين الذين دخلوا في الدين وتعرضوا لاضطهاد قريش, وكان يملك يوم إسلامه أربعين ألفا أنفقها جميعا فأعتق بلالًا , وعامر بن فهيرة , والهندية , وابنتيها , وجارية بني مؤمل وأم عبيس.

- ومن المواقف العظيمة الجديرة بالذكر في حياة الصديق لنصر الدين وأبتغاة مرضاة الله ورسوله (..
أن النبي ( طلب يوماً مالًا لتجهيز جيش المسلمين فكانا الصديق والفاروق من الذين يسارعون في الخيرات
- وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله قلت والله لا أسبقه إلى شيء أبدا)
- وموقف اخر للصديق ( يدل علي أن إيمانه وحبه للنبي ( وبما جاء به من عند الله لم يكن وليد الصدفة أو للصداقة التي جمعت بينهما قبل البعثة فحسب .. بل إن إيمان الصديق إنما كان ينبع من فطرته السوية وكرهه للشرك وأهله , ولهذا كان من أشد المدافعين عن النبي ( ولايهاب احدًا ولا تأخذه في الله لومة لائم .
- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ( بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى

ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكمْ)

نعم .. اننا أمام رجل يجاهر بكلمة الحق لا يتردد في نجدة صديقه وحبيبه ..ذاك هو أبا بكر الصاحب والصديق رضي الله عنه .
-أما الفاروق ( فقد أعز الله به الإسلام منذ أول لحظة أسلم فيها وشهد شهادة الحق..
فهو رجل يندر أن تلد النساء مثله..
لم يختبي ويكتم إسلامه وإيمانه خوفاً من أذي قريش بل بادر إلي الجهر به غير هاب لبطش قريش يدفعه لذلك طبيعته الجياشة وشخصيته القوية الفذة لذا كان إسلامه وحده قوة زلزلت كيان المشركين..
ولندع صحابة الحبيب( يوضحون لنا معني ذلك..
-عن ابن مسعود ( قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر، وقال: كان إسلام عمر فتحاً وهجرته نصراً وإمارته رحمة، لقد رأيتنا ولم نستطع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا.
-و قال: ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه
-وعنه لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعا إلى الله علانية.

-وعن علي ( قال: ما سمينا مؤمنين حتى أسلم عمر.
-وعن صهيب ( قال: لما أسلم عمر جلسنا حول البيت حلقاً وطفنا وانتصفنا ممن غلظ علينا.
وعن ابن عباس ( قال: لما أسلم عمر قال المشركون انتصف القوم منا.اهـ


 

موقف الشيخين من الهجرة للمدينة
عندما زاد أذي المشركين للمسلمين وأذن النبي ( لهم بالهجرة للمدينة هاجر من هاجر من المسلمين في غفلة من قريش الذين كانوا يتربصون بهم و يمنعونهم ويؤذونهم..
وبقي الصديق والفاروق- رضي الله عنهما ..
الصديق انتظر ليحظي بشرف مصحابة النبي ( في الهجرة...

أما الفاروق ( فكات هجرته كالعادة نابعة من طبيعته وشخصيته القوية التي لا تهاب من أحد أياً كان..
لذا كانت هجرته تحت سمع وبصر قريش أو بعبارة أخري رغم أنوفهم , ولندع ابن عباس يبين لنا كيف كانت هجرته (؟
قال –رضي الله عنهما:
قال علي (: ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هاجر تقلد سيفه، وتنكب قوسه([11])، وانتضى في يده أسهماً واختصر عنزته ([12])
ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاب بالبيت سبعاً متمكناً ثم أتى المقام فصلى متمكناً ثم وقف على الخلق واحدة واحدة فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس([13])، من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده، أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي، قال علي: فما أتبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم ثم مضى لوجهه(2). اهـ
أما الصديق فما كان يستطيع ان يهاجر دون النبي صلى الله عليه وسلم ..
ولو كان في أنتظاره هلاكه فالحب الذي يربطه بالحبيب يعجز القلم عن وصفها ولهذا عندما أذن الله للنبي ( بالهجرة كانت سعادة الصديق( لا توصف ولندع أم المؤمنيين عائشة رضي الله عنها تروي لنا هذه اللحظات في حياة الصديق (:
-قالت ( هاجر ناس إلى الحبشة من المسلمين وتجهز أبو بكر مهاجرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر أو ترجوه بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر قال عروة قالت عائشة فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة فقال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها قال أبو بكر فدا لك أبي وأمي والله إن جاء به في هذه الساعة إلا لأمر فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال حين دخل لأبي بكر أخرج من عندك قال إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال فإني قد أذن لي في الخروج قال فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال نعم قال فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال النبي صلى الله عليه وسلم بالثمن قالت فجهزناهما أحث الجهاز وضعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكأت به الجراب ولذلك كانت تسمى ذات النطاق ثم لحق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور فمكث فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب لقن ثقف فيرحل من عندهما سحرا فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسلهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث)
وفي رواية اخري عن أنس رضى الله عنه نتابع احداث هذه الهجرة المباركة..
وعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)

 


 

مناقب الصديق والفاروق

علي لسان النبي- صلى الله عليه وسلم-
ان مناقب الشيخين كثيرة .. ولكل منهما مكانة خاصة في قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم وفي قلوب المسلمين جميعاً....

وهذه المكانة من فضل الله تعالي عليهما, وهي مكانة ليس من باب المجاملة أو المصاهرة للنبي (..
بل لإخلاصهما لله ولرسوله ( بلا حدود ويقينهما بالحق من غير شك أو ريب, وجهادهما في سبيله الدعوة بالنفس والمال بلا ذرة تردد واحدة ..
وها هي بعضاً من مناقبهما بشهادة النبي ( الذي لا ينطق عن الهوي.) صلى الله عليه وسلم
- من مناقب الصديق وفضائله:
لقد كان أبو بكر أحب الناس من الرجال ألى قلب النبي ( , وكان الصاحب في الدعوة والصاحب في الهجرة والمصدق له بلا ذرة شك والمؤمن بكل ما جاء به من عند ربه , ونذكر هنا جملة من أصح ما ثبت من مناقبه.

- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
( خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر

-عن أبي هريرة قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر رضي الله عنه أنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)

 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال( كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى

الله عليه وسلم أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها)

- و عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي)
- وعن عمرو بن العاص قال قلت: يارسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة. قلت :من الرجال قال: أبوها قلت: ثم من قال عمر فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهمْ) (3)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة فقال أبو بكر رضي الله عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم)

* ومن مناقب الفاروق وفضائلة:
أن للفاروق عمر( مناقب كثيرة ولكن حسبنا منها القليل والقليل منها كثير وينبع من عظمة صاحبها ويعطينا صورة صادقة عن طبيعته وسمو روحه وورعه ومدي حبه لله ولرسوله (....

- وعن أبو عقيل زهرة بن معبد أنه سمع جده عبد الله بن هشام قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر)

*وقد يقع الكثير من الناس في خطأ في فهم الحديث ومعني مقالة عمر- رضي الله تعالي عنه... وها هو شرح الحديت لأبن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالي حتي لا يفسر البعض خطأ والله المستعان .
قال- رحمه الله تعالي: ( قوله فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي ) اللام لتأكيد القسم المقدر كأنه قال : والله لأنت إلخ . قوله ( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ) أي لا يكفي ذلك لبلوغ الرتبة العليا حتى يضاف إليه ما ذكر . وعن بعض الزهاد : تقدير الكلام لا تصدق في حبي حتى تؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه الهلاك . وقد قدمت تقرير هذا في أوائل كتاب الأيمان . قوله ( فقال له عمر فإنه الآن يا رسول الله لأنت أحب إلي من نفسي , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر ) قال الداودي : وقوف عمر أول مرة واستثناؤه نفسه إنما اتفق حتى لا يبلغ ذلك منه فيحلف بالله كاذبا , فلما قال له ما قال تقرر في نفسه أنه أحب إليه من نفسه فحلف , كذا قال . وقال الخطابي : حب الإنسان نفسه طبع , وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب , وإنما أراد عليه الصلاة والسلام حب الاختيار إذ لا سبيل إلى قلب الطباع وتغييرها عما جبلت عليه . قلت : فعلى هذا فجواب عمر أولا كان بحسب الطبع , ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى فأخبر بما اقتضاه الاختيار , ولذلك حصل الجواب بقوله " الآن يا عمر " أي الآن عرفت فنطقت بما يجب . وأما تقرير بعض الشراح الآن صار إيمانك معتدا به , إذ المرء لا يعتد بإيمانه حتى يقتضي عقله ترجيح جانب الرسول . ففيه سوء أدب في العبارة , وما أكثر ما يقع مثل هذا في كلام الكبار عند عدم التأمل والتحرز لاستغراق الفكر في المعنى الأصلي , فلا ينبغي التشديد في الإنكار على من وقع ذلك منه بل يكتفي بالإشارة إلى الرد والتحذير من الاغترار به لئلا يقع المنكر في نحو مما أنكره).اهـ

 

 

- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
( استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقال عمر أضحك الله سنك يا رسول الله قال عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب قال عمر فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن ثم قال أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك)

قلت: إنه أمر يثير الدهشة والعجب معًا.. الشيطان بكل كيده وتلبيسه وتربصه لأبن أدم لأضلاله عاجزاً بل ويخشي أيضاً مواجهة الفاروق حتي إنه يسلك فجاً غير فجه!! .. لا ريب أننا أمام إنسان يحمل بين جوانبه إيماناً ويقيناًً عظيمين بالله ورسوله, ومهابٍة وقوةٍ شديدين لأعداء الله ورسوله..

- وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هذا القصر فقالوا لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرا فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله)(1)
-وعن عبد الله بن عمررضي الله عنهماقال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم) - وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه " .

قلت:أن يقول النبي( ذلك عن عمر فلا ريب أننا أمام إنسان صادقاً مع الله تعالي فيما يقول ويفعل, وصادقاًُ مع نفسه ومع الناس فلا يخدع ولا يغش يقول الحق ولو كان مراًً ويميز بينه وبين الباطل ولايخشي في الله تعالي لومة لائم ...
- وكان الفاروق( رضي الله تعالي عنه ملهم هذه الأمة وفي كثير من المواقف وافق قوله القراّن قبل نزوله..

ولهذا قال النبي ( عنه:" لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل محدثون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنه عمر "
قال ابن الأثير:
محدثون: أراد بقوله محدثون اقواما يصيبون اذا ظنوا وحدسوا فكأنهم قد حدثوه بما قالوا , وقد جاء في الحديث "أنهم ملهمون " والملهم: الذي يلقي في نفسه الشيء فيخبر به حدسا وظنا وفراسة وهو نوع يختص الله به من يشاء من عباده الذي اصطفي , مثل عمر(.أهـ
واليك أخي القاريء الهام عمر وموافقته لما نزل من القران..

-فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك رضي الله تعالي عنه قال : ( قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وافقت ربي في ثلاث فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وآية الحجاب قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت هذه الآية)

 - وفي رواية ثانية عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فقال آذني أصلي عليه فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين قال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فصلى عليه فنزلت "وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)-التوبة"(1)
*وفي رواية ثالثة عنه رضي الله تعالي عنه قال ( اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في البقرة فدعي عمر فقرئت عليه فقال عمر اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في النساء يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فدعي عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر

بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ "فهل أنتم منتهون" قال عمر رضي الله عنه انتهينا انتهينا)
* وفي رواية رابعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( قال عمر وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم وفي الحجاب وفي أسارى بدر)


 

 مناقب مشتركة للصديق والفاروق

رضي الله عنهما

أن في حياة الشيخين مناقب وفضائل مشتركه جمعت بينهما علي لسان النبي ( والذي كثيرًا إذا ذكر الصديق ذكر معه الفاروق- رضي الله عنهما –

حتي روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ( إني لواقف في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر وانطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب)

 وهاهي أمثلة عن المناقب التي جمعت بينهما علي لسان الصادق المعصوم (:

-عن أبي موسى رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا أبو بكر فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم استفتح رجل فقال لي افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال الله المستعان)

-- وعن أبي أمامة قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فسمعت فيها خشفة بين يدي فقلت ما هذا قال بلال قال فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المسلمين ولم أر أحدا أقل من الأغنياء والنساء قيل لي أما الأغنياء فهم هاهنا بالباب يحاسبون ويمحصون وأما النساء فألهاهن الأحمران الذهب والحرير قال ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة الثمانية فلما كنت عند الباب أتيت بكفة فوضعت فيها ووضعت أمتي في كفة فرجحت بها ثم أتي بأبي بكر رضي الله عنه فوضع في كفة وجيء بجميع أمتي في كفة فوضعوا فرجح أبو بكر رضي الله عنه وجيء بعمر فوضع في كفة وجيء بجميع أمتي فوضعوا فرجح عمر رضي الله عنه وعرضت أمتي رجلا رجلا فجعلوا يمرون فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف ثم جاء بعد الإياس فقلت عبد الرحمن فقال بأبي وأمي يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما خلصت إليك حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدا إلا بعد المشيبات قال وما ذاك قال من كثرة مالي أحاسب وأمحص)
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تكلم فقال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه فقال له الذئب هذا استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم قال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم )

- عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي)

* وجاء في (تحفة الأحوزي بشرح جامع الترمذي ) مامختصره:
قوله : ( هذان سيدا كهول أهل الجنة ) الكهول بضمتين جمع الكهل وهو على ما في القاموس من جاوز الثلاثين أو أربعا وثلاثين إلى إحدى(2) وخمسين فاعتبر ما كانوا عليه في الدنيا حال هذ الحديث وإلا لم يكن في الجنة كهل كقوله تعالى: ( وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ )-النساء 2
وقيل سيدا من مات كهلا من المسلمين فدخل الجنة لأنه ليس فيها كهل بل من يدخلها ابن ثلاث وثلاثين , وإذا كانا سيدي الكهول فمن أولى أن يكونا سيدي شباب أهلها ) انتهى

- عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول:
(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه والله يغفرله ضعف ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن)

 * وقد يتبادر للمرء من الحديث أن عمر أفضل من أبي بكر وهذا غلط , وإليك شرح النووي للحديث لرفع الإشكال والإلتباس.. قال –رحمه الله -

( وأما قوله صلى الله عليه وسلم في أبي بكر رضي الله عنه وفي نزعه ضعف فليس فيه حط من فضيلة أبي بكر , ولا إثبات فضيلة لعمر عليه, وإنما هو إخبار عن مده ولايتهما , وكثرة انتفاع الناس في ولاية عمر لطولها , ولاتساع الإسلام , وبلاده , والأموال وغيرها من الغنائم والفتوحات , ومصر الأمصار , ودون الدواوين . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( والله يغفر له ) فليس فيه تنقيص له , ولا إشارة إلى ذنب , وإنما هي كلمة كان المسلمون يدعمون بها كلامهم , ونعمت الدعامة , وقد سبق في الحديث في صحيح مسلم أنها كلمة كان المسلمون يقولونها: افعل كذا , والله يغفر لك . قال العلماء : وفي كل هذا إعلام بخلافة أبي بكر وعمر , وصحة ولايتهما , وبيان صفتها , وانتفاع المسلمين بها . قوله صلى الله عليه وسلم : ( فجاءني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليروحني ) قال العلماء : فيه إشارة
إلى نيابة أبي بكر عنه , وخلافته بعده , وراحته صلى الله عليه وسلم بوفاته من نصب الدنيا ومشاقها , كما قال صلى الله عليه وسلم : " مستريح ومستراح منه " الحديث , و " الدنيا سجن المؤمن " , و " لا كرب على أبيك بعد اليوم " .) اهـ

-وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله فقال : " اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان " (1)
-وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أهل الدرجات العلى ليراهم من هو أسفل منهم كما يرون الكوكب الطالع في أفق من آفاق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما "

- وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين "


 

مواقف إيمانية بين الصديق والفاروق

إن في حياة الشيخين –الصديق والفاروق-مواقف إيمانية رائعة سواء كانت والنبي ( معهما حي يرزق أو بعد وفاته وهي مواقف نخرج منها ونحن علي يقين بأن من نعمة الله علينا وفضله أن من علي هذه الأمة في عهدها الأول بمثلهما ...
ولنتأمل الان بعض هذه المواقف الجليلة التي تشرح الصدور وتسمو بها النفوس إلي أفاق عالية من الرقي الروحي والاخلاقي ...
وتنفعل لها القلوب لما فيها من نفحات إيمانية بلغت أعلي درجات السمو والقرب من الله ومراقبته....وتتأملها العقول بكل أجلال وتقدير لها منبهرة بما فيها من عبر وعظات أوضحت بجلاء لكل البشرية عظمة

هذا الدين وسمو تعاليمه التي صنعت رجال من طراز خاص يندر أن يجود الزمان بمثلهم ابداً.
*ومن هذه المواقف الجليلة بينهما ماحدث يوم الحديبية ...
- فعن أبي وائل قال قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال ( أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا قال فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا قال فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم فطابت نفسه ورجع)

- ومن هذه المواقف الجليلة أيضاً أن "أم المؤمنيين "حفصة" بعد ان ترملة بمون زوجها أراد أبوها الفاروق ( أن يزوجها للصديق ( ولكنه ترك الأمر معلقا بين الرفض والقبول مما أغضب منه الفاروق فماذا حدث؟!
لندع سيدنا سالم بن عبد الله حفيد الفاروق يروي لنا القفصة كما سمعها من ابيه ..
قال (:
"أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدث أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا توفي بالمدينة قال عمر فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر قال سأنظر في أمري فلبثت ليالي فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك قلت نعم قال فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لقبلتها)

- ومنها ما حدث بعد وفاة الرسول ( فقد كادت أن تحدث فتنة عمن يخلف رسول الله ( ... وكان في كل من المهاجرين والأنصار من يري أنهم الأحق بأن يكون الخليفة منهم.. وانتهي الأمر باختيار أبا بكر فلم يكن أحد ٍٍمن المهاجرين أو الأنصار ينكر فضائله وتفضيل النبي ( له عنهم وكان للفاروق سببا في ذلك.
- عن عبد الله قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير فأتاهم عمر فقال ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر قالوا نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر
- وفي رواية أخري اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله
-ومنها ماحدث في إصرار الصديق بإرسال جيش أسامة كقائد عام للجيش رغم صغر سنه وهناك غيره من كبار الصحابة.
قال ابن كثير – رحمه الله-في( البداية والنهاية 5(/333):
أن أبا بكر لما صمم على تجهيز جيش أسامة قال بعض الأنصار لعمر: قل له فليؤمر علينا غير أسامة، فذكر له عمر ذلك، فيقال: إنه أخذ بلحيته وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، أؤمر غير أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ثم نهض بنفسه إلى الجرف فاستعرض جيش أسامة وأمرهم بالمسير، وسار معهم ماشيا، وأسامة راكبا، وعبد الرحمن بن عوف يقود براحلة الصديق، فقال أسامة: يا خليفة رسول الله، إما أن تركب وإما أن أنزل، فقال: والله لست بنازل ولست براكب، ثم استطلق الصديق من أسامة عمر بن الخطاب - وكان مكتتبا في جيشه - فأطلقه له،

فلهذا كان عمر لا يلقاه بعد ذلك إلا قال: السلام عليك أيها الأمير.اهـ
والمواقف بينهما كثيرة ما يضيق بها مساحة هذا الكتاب ونكتفي بما ذكرنا والله المستعان.



 

موقف الصديق والفاروق عند وفاة الرسول

-صلي الله عليه وسلم-
وهذا موقف يثير الدهشة والعجب معاً..
لماذا؟
لأن الصديق أرق قلبًا وأقرب الناس لقلب الحبيب ( من الفاروق ,والفاروق عرف عنه الغلظة والشدة في الحق وكان النبي ( يحبه ولكن حبه للصديق أكثر..
والموت حق قطعاً وموت الرسول ( أمر حتمي فلم يكتب الله تعالي لأحد الخلد ..

ومن ثم الصورة المتوقعة حسب الطبيعة النفسية لكل من الشيخين أن يكون الصديق أكثر تأثراً وصدمة لموت النبي ( والفاروق رابط الجاش يعالج الموقف ويرد صواب الصدمة من قلوب المسلمين بعمل حازم يعيد الأمور إلي نصابها الصحيح.
ولكن الذي حدث علي النقيض تماماً..
فقد تلقي لفاروق عمر ( خبر وفاة النبي ( غير مصدق وأصابه الذهول والصدمة كما أصابت المسلمين وربما أشد ..
أما الصديق فقدعالج الصدمة بحمكة وعقلانية يعينه علي ذلك أيمانه القوي بالله ورسوله (.. ولاريب أننا أمام رجل يندر أن يجود الزمان بمثله ..نعم إن الصديق في هذا الموقف العصيب يضرب لنا اروع الأمثلة في الصبر واليقين والرضا بقضاء الله تعالي ..
فماذا قال ؟
وكيف كان تصرفه إداء انفلات اعصاب الصحابة وتكذيبهم بموته  ؟ ..
- عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح قال إسماعيل يعني بالعالية فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا..
ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون وقال وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فنشج الناس يبكون قال واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن عائشة رضي الله عنها قالت شخص بصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا وقص الحديث قالت فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إلى الشاكرين)


 

الصديق والفاروق معاً في الخلافة الراشدة
للصديق والفاروق –رضي الله عنهما –في خلافتهما للمسلمين مواقف رائعة ورغم اختلاف طبيعتهم ألا أنهم اشتركوا بدرجة يعجز القلم عن وصفها في الزهد والتقشف والورع الشديد والخوف من الله والتمسك بالسنة وعدم الزيغ عنها وهلم جرا...
نذكر بعضها هنا في النقاط التالية:
* خطبة التنصيب للخلافة:
-خطبة الصديق( عند الخلافة فقال: عن عروة عن أبيه قال خطب أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني وليت أمركم لست بخيركم ولكنه نزل القرآن وسن الني صلى الله عليه وسلم السنة وعلمنا فعلمنا وأعلموا أيها الناس أن أكيس الكيس التقي أو قال الهدى واعجز العجز الفجور وإن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع فإن أنا أحسنت قولي فأعينوني وإن أنا زغت فقوموني أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم خرجه في فضائله. وعن قيس بن أبي حازم قال إني جالس عند أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر فذكر قصته فنودي في الناس إن الصلاة جامعة وهي أول صلاة في المسلمين نودي بها أن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر شيئاً صنع له كان يخطب عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس لوددت أن هذا الأمر كفانيه غيري ولئن أخذتموني بسنة نبيكم لا أطيقها إن كان لمعصوماً من الشيطان وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء خرجه أحمد وخرج معناه حمزة بن الحارث وقد تقدم في ذكر الاستقالة.اهـ
- وأول خطبة للفاروق ( بعد أن تولي الخلافة::
ما أخرجه ابن سعد([14]) عن الاشعث عن الحسن أنه قال: فيما يظن
إن أول خطبة خطبها عمر حمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد فقد ابتليت بكم، وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبي فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا، ومهما غاب عنا ولينا أهل القوة، والامانة فمن يحسن نزده في إحسانه، ومن يسئ نعاقبه، ويغفر الله لنا ولكم .
- وقيل أول ما تكلم به لما ولي: ما خرجه المحب الطبري عن الشعبي أنه قال: لما ولي عمر صعد المنبر فقال: ما كان الله ليراني أرى نفسي أهلا لمجلس أبي بكر، فنزل مرقاة فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: اقرءوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا يوم العرض الاكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية، إنه لم يبلغ حق ذي حق أن يطاع في معصية الله.
الا وإني نزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن استغنيت، استعففت، وإن افتقرت اكلت بالمعروف.

.- اتباع الشيخين للسنة بعد الخلافة:
ظل الشيخين في امارتهما متمسكين بالسنة ولم يزيغوا عنها قيد انملة ..
وهاهو الصديق يضرب لنا أروع الأمثلة في ذلك عندما جائت فاطمة بنت رسول الله ( تطالب بميراث ابيها ولندع عائشة ام المؤمنيين تخبرنا بالقصة..

-قالت عائشة- رضي الله عنها- "أن فاطمة سألت أبا بكر أن يقسم لها ميراثها..
وفي رواية أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر قال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا نورث ما تركنا صدقة " إنما كان يأكل آل محمد من هذا المال وإني والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته زاد في رواية إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيع "

* ومن حسن اتباع الفاروق عمر للنبي ( وخوفه من ضياع السنة كان له مواقف سجلها التاريخ منها :
- عن ابن عباس قال: (استأذن الحر بن قيس بن حصن لعمه عيينة بن حصن على عمر فأذن له، فلما دخل قال يا بن الخطاب والله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه: " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " . وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حتى قرأها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله)

 -وعن ابن عمر( " أنه قيل لعمر وقد أصيب ألا تستخلف، فقال إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني - يعني أبا بكر - وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - فعرفت حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غير مستخلف"
-وعنه قال" قبل عمر الحجر ثم قال: أما والله قد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، وقال النسائي قبله ثلاثاً"
-ورواية البخاري" حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك، فاستلمه ثم قال ما لنا وللرمل إنما كنا رأينا به المشركين وقد أهلكهم الله، ثم قال. شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه"

زهد وورع الصديق والفاروق

لقد كان الصديق والفاروق من ازهد الناس في الدنيا وأكثرهم لله خشية وتقوي ..
- وما يدل علي زهد وورع الصديق:
- ما ذكره سيدنا طلحة ( قال: ما كان عمر بأولنا إسلاماً ولا بأقدمنا هجرة ولكنه كان أزهدنا في الدنيا وأرغينا في الآخرة.
-وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر العطاء فيقول له عمر أعطه يا رسول الله من هو أفقر إليه مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك " . قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسال أحداً شيئاً ولا يرد شيئاً أعطيه"

-عن عائشة قالت "كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام تدري ما هذا فقال أبو بكر ما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه"

-وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنك لست تصنع ذلك خيلاء)

 قال موسى: قلت لسالم: أذكر عبد الله (من جر إزاره؟)، قال: لم أسمعه ذكر إلا (ثوبه).
-وعن عطاء بن السائب قال" لما استخلف أبو بكر أصبح غادياً إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر فيها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا إلى أين تريد يا خليفة رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال السوق قالا تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين قال فمن أين أطعم عيالي قالا له انطلق حتى نفرض لك شيئاً فانطلق معهما ففرضوا له لكل يوم شطر شاة وما كسوة في الرأس والبطن "

- وما يدل علي زهد وورع الفاروق  :
عن ابن أبي مليكة قال:" بينا عمر قد وضع بين يديه طعام إذ جاء الغلام فقال. هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال: وما أقدم عتبة ائذن له، فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه خبزاً وزيتاً فقال: اقرب يا عتبة فأصب من هذا، قال فذهب يأكل فإذا هو بطعام جشب لا يستطيع أن يسيغه فقال يا أمير المؤمنين: هل لك في طعام يقال له الحواري؟ قال: ويلك: أو يسع ذلك المسلمين؟ قال لا والله، قال يا عتبة: أفأردت أن آكل طيباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها"

-وعن أنس قال: "لقد رأيت بين كتفي عمر أربعة رقع في قميص له"
وعن الحسن قال: "خطب عمر الناس وهو خليفة وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة."
-وعن عامر بن ربيعة قال: خرج عمر حاجاً من المدينة إلى مكة إلى أن رجع فما ضرب فسطاطاً ولا خباء إلا كان يلقى الكساء والنطع على الشجرة ويستظل

*أعمال خالدة في خلافتهما الراشدة:
للصديق والفاروق في أمارتهما أعمال خالدة علت من شأن الإسلام وحفظت للأمة دينها ونذكر بعضها هنا والله المستعان.
-اعمال خالدة في عهد الصديق :
علي الرغم من قصر مدة خلافة الصديق فقد كانت فيها من جلائل الاعمال ما تكتب بحروف من ذهب أذكر منها هنا اثنتين فيهما الكفاية .
1- جمعه للقران وحفظه:
ولو كان للصديق ( هذه المنقبة فقط لكان ذلك كافياً ليترحم ويثني عليه كل مسلم يقرأ القران في المصحف بكل خير بعد أن كاد أن يضيع بموت الصحابة الذين كانوا يحفظونه في صدورهم في الحروب ضد المشركين..

- وعن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه وكان ممن يكتب الوحي قال :
( أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة آيتين مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه)

2-  محاربة المرتدين

بعد مبايعة أبا بكر بالخلافة وجد أن كثيراً من القبائل ارتدت عن الدين , ورفضوا اعطاء الزكاة التي هي حق الله تعالي بعد موت النبي ( فراي أن يأخذهم بالقوة إن لم يعودوا إلي الحق ويخرجون زكاة اموالهم صاغرين .. وكن عمر بن الخطاب يري إن محاربتهم وهم علي التوحيد أمر يخالف السنة ..فإذا بأبي بكر يبين لعمر ما  خفي عنه ويتدارك عمر الموقف ويعين خليفة رسول الله ( على محاربتهم فكانوا عبرة لغيرهم وعاد الجميع لدفع الزكاة وهم صاغرين ..
- وعن أبي هريرة قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق)

-أعمال خالدة في عهد الفاروق
لقد كانت خلافة عمر فترة خصبة ثرية بجلائل الاعمال يحتاج لذكرها مجلد ضخم ونكتفي هنا بذكر بعضها ومن أراد الزياد فعليه بالمطولات .
-قال ابن الأثير في " اسد الغابة 2/327"
فتح الفتوح ومصر الأمصار، ففتح العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وأرمينية، وأذربيجان، وأرانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان وغيرها.

وقد اختلف في خراسان، فقال بعضهم: فتحها عمر، ثم انتقضت بعده ففتحها عثمان. وقيل: إنه لم يفتحها، وإنما فتحت أيام عثمان. وهو الصحيح.
وأدر العطاء على الناس، ونزل نفسه بمنزلة الأجير وكآحاد المسلمين في بيت المال، ودون الدواوين، ورتب الناس على سابقتهم في العطاء والإذن والإكرام، فكان أهل بدر أول الناس دخولاً عليه، وكان عليّ أولهم. وكذلك فعل بالعطاء، واثبت أسماءهم في الديوان على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ ببني هاشم، والأقرب فالأقرب.اهـ

و الأعمال الخالدة للفاروق أكثر من أن نذكرها هنا ونكتفي بثلاثة :

1- جمع الصحابة في صلاة التراويح
صلي النبي ( في رمضان وصلي خلفه بعض الناس وتكرر ذلك في اليوم الثاني والثالث حتي عجز النسجد عن أهله فلم يخرج إليهم النبي ( في اليوم الرابعثم إنه أخبرهم بعد ذلك إنه خشي أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها .. ويموت النبي ( ومن بعده أبا بكر رضي الله ثعالي عنه والناس تصلي التراويح منفردين .. ثم جاء ت ولاية عمر رضي الله تعالي عنه فجمع الناس علي أمام واحد كما كانوا يصلون خلف النبي ( في الإيام الثلاثة الأولى..

- وعن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله)(1)
2- تجديد وتوسيع الفاروق ( للمسجد النبوي:

من الأعمال الخالدة للفاروق تجديده وتوسيعه للمسجد النبوي فهو أول من سن التوسع والزيادة فيه ولكن كان حريصاً بأن تكون حجرة السيدة عائشة –أم المؤمنين- و فيها قبر النبي والصديق خارج المسجد كما هي لتحذير النبي ( من اتخاذ قبور الأنبياء مساجد , وهو ماغفل عنه عمدا "الوليد بن عبد الملك" في توسيعه للمسجد النبوي.
-وعن نافع" أن عبد الله بن عمر أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج"

- وجاء في( عون المعبود) شرح الحديث ما مختصره:
( كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : أي في زمانه وأيامه ( مبنيا باللبن ) .. يعني الطوب والآجر النيء وهو بضم الجيم وتشديد الراء ( الجريد ) : أي جريد النخل وهو الذي يجرد عنه الخوص أي الورق ..( وعمده ) :

فقوله عمده مبتدأ ومن خشب النخل خبره ( فلم يزد فيه أبو بكر شيئا ) : يعين لم يغير فيه شيئا بالزيادة والنقصان ( وزاد فيه عمر وبناه على بنائه ) : يعني زاد في الطول والعرض ولم يغير في بنائه بل بناه على بنيان النبي صلى الله عليه وسلم يعني بآلاته التي بناها النبي صلى الله عليه وسلم ( في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : إما صفة للبناء أو حال ( وأعاد عمده ) : قال العيني : وإنما غير عمده لأنها تلفت . قال . السهيلي نخرت عمده في خلافة عمر فجددها ( وغيره عثمان ) : أي من الوجهين التوسيع وتغيير الآلات (بالحجارة المنقوشة ) : أي بدل اللبن ( والقصة ) : بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهي الجص بلغة أهل الحجاز .
 ( وسقفه بالساج ) : قال الحافظ : والساج نوع من الخشب معروف يؤتي به من الهند ( وسقفه الساج ) : هو بلفظ الماضي من التسقيف من باب التفعيل عطفا على جعل . قال الحافظ في الفتح قال ابن بطال وغيره هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه , فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه, ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه . وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك من مروان وذلك في أواخر عصر الصحابة , وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة .اهـ

3- الفاروق وأطفال المسلمين
أخرج ابن سعد، عن عبد الله بن نافع عن أبيه، عن ابن عمر قال: قدمت رفقة من التجار فنزلوا المصلى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف: هل لك أن تحرسهم الليلة من السرق ؟ فباتا يحرسانهم، ويصليان ما كتب الله لهما، فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه فقال لامه: إتقي الله وأحسني إلى صبيك، ثم عاد إلى مكانه، فسمع بكاءه فعاد إلى امه فقال لها مثل ذلك ثم عاد إلى مكانه، فلما كان في آخر الليل سمع بكاءه فأتى امه فقال: ويحك، إني لاراك ام سوء، مالي أرى إبنك لا يقر منذ الليلة ؟
قالت: يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة، إني اريفه من الفطام فيأبى، قال: ولم ؟ قالت: لان عمر لا يفرض إلا للفطم، قال: وكم له ؟ قالت:
كذا وكذا شهرا قال: ويحك لا تعجليه ! فصلى الفجر وما يستين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: يا بؤسا لعمركم قتل من أولاد المسلمين: ثم أمر مناديا فنادى:
ألا لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الاسلام...




 

وحان وقت الرحيل
اللحظات الاخيرة في حياة الصديق والفاروق

- اللحظات الأخيرة في حياة الصديق:
قال في ابن الجوزي صفوة الصفوة (1/45) ما مختصره:
قيل: كان بدء مرضه أنه اغتسل في يوم بارد فحمّ خمسة عشر يوماً.
وعن أبي السفر قال: مرض أبو بكر فعاده الناس، فقالوا: ألا ندعو الطبيب؟ قال قد رآني. قالوا: فأيَّ شيءٍ قال لك؟ قال: اني فعَّال لما أريد.

-وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط قال: "لما حضر أبا بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له " اتق الله يا عمر، واعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وانه لا يقبل نافلة حتى تؤدي فريضته، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم، حق لميزان يوضع فيه الحقُ غداً أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة بأتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم، وحقَّ لميزانٍ يوضع فيه الباطل غداً أن يكون خفيفاً، وان الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئه، فإذا ذكرتهم قلت: اني لأخاف أن لا الحق بهم وإن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه فإذا ذكرتهم قالت إني لأرجو أن لا أكون مع هؤلاء ليكون العبد راغباً راهباً، لا يتمنى على الله، ولا يقنط من رحمة الله. فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت وهو آتيك، وإن أنت ضيعّت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت، ولست تعجزه."

-وعن عائشة قالت: لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات فيه قال: انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي، فنظرنا فإذا عبدٌ نوبي كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح كان يسقي بستانا له، فبعثنا بهما إلى عمر. قالت: فأخبرني جدي أن عمر بكى وقال: رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً.
-وعنها قالت: لما حضر أبا بكر الوفاة جلس فتشهد ثم قال: " أما بعد يا بنية، فان أحب الناس غنىً إلي بعدي أنتِ، وإن أعز الناس علي فقراً بعدي أنت، وإني كنت نحلتُك جدادا عشرين وسقا من مالي فوددت والله انك حزته وإنما هو أخواك وأختاك قالت قلت هذان أخواي فمن أختاي قال ذو بطن ابنة خارجة فإني أظنها جارية وفي رواية قد القي في روعي أنها جارية فولدت أم كلثوم.
وعنها قالت" لما ثقل أبو بكر قال أي يوم هذا قلنا يوم الاثنين قال فإني أرجو ما بيني وبين الليل قالت وكان عليه ثوب عليه ردع من مشق فقال إذا أنا مت فاغسلوا ثوبي هذا وضموا إليه ثوبين جديدين وكفنوني في ثلاثة أثواب فقلنا أفلا نجعلها جددا كلها قال لا إنما هو للمهلة فمات ليلة الثلاثاء"(1) .اهـ
وبعد..
لقد مات الصديق بعد أن اشتد به المرض..

مات أحب الناس الي قلب الحبيب ودفن بجواره ..
مات أرحم الناس بهذه الأمة..ولكن ستظل فضائله ومناقبه ورحلة كفاحه وتضحيته وإيثاره ومحبته وايمانه الذي لا يتزعزع بالله ورسوله نوراً يضىء الطريق لكل من يريد أن يستشعر حقيقة الإيمان الصادق في داخله تجاه ربه ودينه ..
وكانت خلافة الصديق سنتين وثلاثة أشهر ، وكان عمره يوم توفي ثلاثا وستين سنة، السن الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع الله بينهما في التربة، كما جمع بينهما في الحياة، فرضي الله عنه وأرضاه.

اللحظات الاخيرة في حياة الفاروق:

قال ابن الجوزي في صفة الصفوة (1/49) ما مختصره"
عن عمرو بن ميمون، قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفّين قال: استووا حتى إذا لم ير فيهن خللاً تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الْكَلْبُ، حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمرّ على أحد يميناً ولا شمالً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرنساَ فلما ظنَّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه.
وتناول عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه.
فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى وأما نواحي المسجد فانهم لا يدرون غير انهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس انظر من قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غلام المغيرة قال الصَّنَعُ؟ قال: نعم.
قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلوا إلى قبلتكم وحجوا حجكم.اهـ
فما أشد خوفه من لقاء الله تعالي رغم ورعه وتقواه وتبشير الحبيب ( له بالجنة.. وعن المسور بن مخرمة قال "لما طعن عمر جعل يألم فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون قال أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه فإنما ذاك من من الله تعالى من به علي وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه"

فما أعظم خوف الفاروق من الله تعالي فرغم شدته وعدله .وأن الحق دائماً علي لسانه وقلبه ألا إنه يخشي أن يتحمل وزر من يأتي بعده فلا يختار من يخلفه ويترك الأمر شوري بين من وجدهم علي خيرومات النبي ( وهو عنهم راضي.

* وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا جزاك الله خيرا فقال راغب وراهب قالوا استخلف فقال أتحمل أمركم حيا وميتا لوددت أن حظي منها الكفاف لا علي ولا لي فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله فعرفت أنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مستخلف)
وسبحان الله .. رغم هذا الموقف العصيب والموت قيد أنملة منه لا يهمل الفاروق أمر الرعية ولم يتمني رحيله قبل حسم هذا الأمر حتي لا تعصف الفتن بالامة كما حدث بعد وفاة الرسول ( ومبايعة الصديق للخلافة كما أنه تورع عن أستخلاف الخليفة من بعده وترك الأمر شوري بين من بقي من صحابة الحبيب ( ومات وهو عنهم راضي لإنه لم يحب أن يتحمل مسئوليتهم بعد رحيله!! ولنتدبر الان وصيته الأخيرة لندرك حقيقة الفاروق ويقينه وزهده...
-آخر وصية لعمر- رضي الله تعالي عنه
*عن عمرو بن ميمون الأودي قال ( رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا عبد الله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقل يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام ثم سلها أن أدفن مع صاحبي قالت كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي فلما أقبل قال له ما لديك قال أذنت لك يا أمير المؤمنين قال ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع فإذا قبضت فاحملوني ثم سلموا ثم قل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين إني لا أعلم أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة فاسمعوا له وأطيعوا فسمى عثمان وعليا وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وولج عليه شاب من الأنصار فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله كان لك من القدم في الإسلام ما قد علمت ثم استخلفت فعدلت ثم الشهادة بعد هذا كله فقال ليتني يا ابن أخي وذلك كفافا لا علي ولا لي أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرا أن يعرف لهم حقهم وأن يحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوءوا الدار والإيمان أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم)

 - ورحل الفاروق كما رحل الصديق – رضي الله عنهما

قال محمد بن سعد كاتب الواقدي: طعن عمر بن الخطاب يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين فكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وإحدى وعشرين ليلة من توفي أبي بكر الصديق على رأس اثنتين وعشرين سنة وتسعة أشهر، وثلاثة عشر يوما من الهجرة -أنظر الطبقات: 3 / 365.
– وقيل والله أعلم كانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال قاله أبو إسحاق.
- وصلى عمر على أبي بكر ( حين مات. وصلى صهيب على عمر ( حين مات وقال الشيخ جلال الدين السيوطي: وصلى عليه صهيب في المسجد- أنظر الاستيعاب: 2 / 472، الطبقات 3 / 147و تاريخ الخلفاء ص 136، الرياض النضرة: 1 / 418 (1).


 

خاتمة الكتاب
أن في السيرة العطرة لحياة الصديق والفاروق الكثير والكثير من المآثر والمناقب التي لم نذكرها ولكن..
ما ذكرناه هنا فيه الكفاية لنببين لنا بوضوح مدي يقين وزهد وورع وخوف وفضل كل منهما وأننا كأحفادهما في هذا الزمن الذي صار فيه الإسلام غريبا كما كان , وصار فيه المسلم الملتزم المتمسك بالكتاب والسنة إرهابيا ومتخلفاً !!

وانتشرت الأقلام المسعورة لخطباء الفتنة في التشكيك والتنكيل بكل ما هو إسلامي سواء كان نقاب تغطي به المرأة التقية وجهها من أجل عفتها وحيائها وابتغاء مرضاة ربها أو ما هو أكبر من ذلك كتشكيك البعض في السنة والاكتفاء بالقرآن إلي حين ممن يطلق عليهم "القرآنيون" أو ما هو أخطر من ذلك من سب وقدح في الصحابة الكرام..
نقول لكل مسلم ومسلمة بعد ما ذكرناه "للصديق والفاروق" من ثبات علي الحق والاستقامة علي المنهج حذاري من التردد والتحجج بالفتن والبلاء في هذا العصر لنركب الموجة ونسير كالأعمى الذي لا يبصر علي الرغم من وضوح الطريق في دروب شائكة نهايتها نارًا وسعيراً , وعلينا بالافتداء بسلفنا الصالح ولا نخاف إلا الله ..
وبعد.. أسأل الله تعالي أن يوفقنا جميعا إلي ما يحبه ويرضه وأن يحتم لنا بحسن الخاتمة في الدنيا والاخرة وأن يحشرنا مع الصديق والفاروق تحت لواء الحبيب المصطفي ويرقنا مجاورتهما في جنات النعيم وهو سبحانه نعم المولي ونعم النصير والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي الكريم واله وصحبة أجمعين .

 



[1] - أجنأ بالجيم والهمزة أي منحنيا تقول منه جنأ يجنأ جنا بالقصر وجنوا ومنه سمي الترس مجنا بضم الميم لانجنائه وأحنى بالحاء غير مهموز بمعناه يقال رجل أحنى الظهر وامرأة حنياء وحنواء أي منحنية

[2] - والحقو الكشح والحقوان الكشحان والجمع أحق وقد يسمى الإزار حقوا للمجاورة لأنه يشد على الحقوين

[3] - معروق الوجه أي قليل اللحم حتى يتبين حجم العظم

[4] - الأشاجع جمع أشجع بزنة أصبع وهي أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف والكتم بالتحريك نبت

[5] - أنظر الكامل في التاريخ 3 / 54- ط بيروت.

[6] - الآدم - من الناس الأسمر والجمع أدمان والأدمة بضم الهمزة وإسكان الدال السمرة

[7] - والأمهق - ما ذكره في الحديث

[8] - والأصلع - هو الذي انحسر شعر مقدم رأسه ويقال لموضع الصلع صلعة بالتحريك وصلعة بضم الصاد وإسكان اللام

[9] - والأجلح هو الذي انحسر الشعر عن جانبي رأسه فوق الأنزع، فأوله النزع ثم الصلع، وقد جلح الرجل بالكسر فهو أجلح بين الجلح واسم ذلك الموضع الجلحة بالتحريك

[10] - وأعسر يسراً - هو الذي يعتمد بيده جميعاً ويقال له الأضبط

[11] - تنكب قوسه - ألقاه على منكبه - وانتضى في يده أسهماً - أستلها من كنانته وتركها معدة في يده، وكذلك انتضى سيفه ونضاه استله

[12] - واختصر عنزته - العنزة بالتحريك أطول من العصا وأقصر من الرمح، وفيه زج كزج الرمح واختصارها والله أعلم حملها مضمومة إلى خاصرته

[13] - والمعاطس - جمع بزنة مجلس وهو الأنف وإرغامها إلصاقها بالرغام وهو التراب، كنى بذلك عن الإهانة والإذلال.

[14] -- أنظرالطبقات: 3 / 196، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 143، الرياض النضرة: 1 / 404.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خلاصة قانون الحق هو الثابت لا يتغير ولابد من تحققه

  خلاصة قانون الحق هو الثابت لا يتغير ولابد من تحققه بسم الله الرحمن الرحيم -- خلاصة قانون الحق = أن الله خلق السماوات والارض وما في...